Friday, August 25, 2017

أحبك يا ....


ليس حبا ، ولكنني احببتها … حبي لها لم يكن حبا تقليديا كالذي يتبادله العشاق ، بل لم يكن من الممكن اختزال شعوري تجاهها في كلمة حب …

لا زلت ابحث عن اسم لهذا الشعور … فالحب كما قرأت عنه وعرفته مع اخريات لم يكن بهذا الشكل والمضمون ، فأنا لا اريدها زوجة … لا لجمالها ولا لمالها ولا لدينها ولحسبها ونسبها ، لو اضطررتني ان اصف فيضان مشاعري تجاهها حبا فأنا لم احبها يوما … بل احببت الأسطورة التي انجبتها والضباب الذي يحرس شلالات ضفائرها

هي آخر الجبابرة … الدليل الوحيد المتبقي على ان الآلهة على هذه الأرض قد احبت وانجبت ، اغلب الظن ان زيوس الأحمق لم يحسب عواقب افعاله حين فعل ما فعله … الم تعرف ايها اللعين انني سألتقيها ؟ اما كان من الممكن ان تنبه كوبيد ليبقي سهامه بعيدا عني ؟ يداي اقصر من ان اتصارع معك ولكني لا استطيع مداراة شماتتي بك … لم تتخيل مقدار سعادتي حين اقلع البشر عن عبادتك … حين هدموا معابدك … حين ذهبت انت وبقيت هي



لم احبها يوما كما يحب الرجال النساء ، بل احببتها كما احب الرجال الهة السماء … ذلك الحب الذي يجعلك تكتفي من الإله بصنم او تمثال ، من النار بالنور … لتشعلها مرة اخرى … لتعيشها مرة اخرى … لتحبها مرة اخرى … لأنك لا تملك الشجاعة لتحترق بها ، وترقص الما انت وزوربا وكل من ضحوا بحياتهم في معابدها ، لأن غيرتك وسوء ظنك ستوهمانك انها بعدك ستشتعل لغيرك … ستعيش لغيرك … لتحب غيرك

فنائي في سبيل حبها الذي لن يصل لمنتهاه لم يكن طلبا للخلود … فما جدوى الخلود بدونها ، ما معنى ان تعيش وقد مات الجميع ، ماذا يفيد دعائي وطرقي لأبواب السماء وقد تنازلت عن قواها ومكانها بين الآلهة … لو عرفها سام هاريس لما كتب نظريته عن وهم الإرادة الحرة ، تنفست الآلهة الصعداء بعد ان نجحت مؤامرتهم ، فقد ولدت الجبارة الجديدة في مدينة اثينا في اوج انحطاطها ، وسط الضحكات الماجنة والخمر الرخيص ولفافات التبغ …

بصراحة … لا الوم الآلهة ، فمحبوبتي الجبارة هي اكبر خطر يهدد عروش الأرض والسماء … امها هربت بعارها قبل ان تضعها في تابوت وتضع التابوت في يم لا ساحل له ، هم يعلمون انها لو بقيت في السماء … فستحرق الجنة فلا يموت احد او يقتل لأجلها … ستطفيء النار فيعود الشيطان ذليلا يتعبد ربه وينسى حربه الصبيانية المعلومة النتائج … ستثبت للبشر ان الخلود بلا معنى ، ان الجمال هو الفناء … في انطفاء الشمعة وفي ذبول الوردة … ستعلم البشر ان الذكريات هي الخلود الحقيقي ، هي الجنة التي لا تبيد والحلم الذي لا يتنهي … عندها سيتوقف الناس عن الدعاء للآلهة ، وعندها ستموت الآلهة …

ما اغباني … ضيعت حبي لها لأحافظ على اسطورتها ، اريدها ان تبقى محفورة في مخيلتي مخلوقا نورانيا … يتنفس الضوء ويتكلم بالألوان … خرجت من قذارة اثينا كخروج يسوع من بين قومه ، خرج يسوع متواضعا من بين متكبرين سموا انفسهم شعب الله المختار … اين العدالة في اله يختار له شعبا وزوجة وابنا ؟

خرج يسوع مليئا بالحب من بين قوم يملأهم الكره لقيصر ولأنفسهم وحتى ليسوع ، يستغرب الكثيرون ان الإله قد صلب ابنه … لماذا تستغربون ؟ كم ذبح واحرق البشر من ابناءهم لأجل الرب ، سكت عنهم ولم يلق لهم بالا عسى ان يتوقفوا عن هذه الهمجية والوحشية ويرتقوا من حيوانيتهم … ولكن بلا فائدة

انزل الإله ابنه ليصلبوه كفارة لذنوبهم … ها قد صلبتم ابني الوحيد ، لنفتح صفحة جديدة ولينتهي هذا الهراء … ولكن بلا فائدة ، وفي نهاية المطاف لأن الرب اكتشف بالدليل القاطع ان غباء البشر لا يعرف حدا ، بين لهم بمثال عملي ان من اراد ان يتقدم لي بقربان فليذبح خروفا وليترك ابناءه احياء … لا زالت الخراف تسب غباء بني ادم الذي استمر سنينا طوال ادى الى تحويلهم الى قرابين حتى يومنا هذا

الفرق الوحيد بينها وبين يسوع … ان يسوع صلبه البشر ليكفروا عن ذنوبهم ، وهي هربت في صورتها الآدمية كي لا تصلبها الآلهة من اجل ذنوبها …

اعلم انه قد حط على سطح كوكبها رجل اخر ووضع علمه على ارضها … لا اريدها ان تصارع الآلهة ولا ان تنجب لي جبارين مثلها … اريد فقط ان اتنفس ضوءها واظللها بأجنحتي … اريد فقط ان اقول لها : احبك يا ….

No comments:

Post a Comment