Saturday, July 23, 2016

العقلانية قبل التدين


أعلم أن العنوان سيكون صادما للكثيرين , وأعلم أن رسائل التكفيريين الذين عينوا أنفسهم الحراس الشخصيين للعرش الإلهي ستأتي مكفرة مزندقة مهددة متعودة كما عودوني دائما فليشحذوا اقلامهم وسيوفهم , ولكنها كلمة يجب أن تقال وموقف يجب أن أقف عنده مهما كان الثمن في زمن الكهنة ومثقفي السلطة ومنافقي العامة , فلا مجال للحديث عن الحرية حين يكون الخيار بين الحياة والموت , ولا داعي للدفاع عن العقل حين يحاكم الكاهن العاقل , ولا جدوى من طرح الفكر في مقابر اجتماعات الصفوة .

اهداء

في البدء كنت رافضا للإسلام السياسي , ولكني لم أكن علمانياً صلباً , كنت انادي ببيئة سياسة أكثر تسامحاً ... حتى كان لقائي الأول بكتابات عادل ضاهر في كتابه الأسس الفلسفية للعلمانية , قبل هذا الكتاب كنت ارفض الإسلام السياسي لأسباب إذا إنتفت تنتفي الحوجة للعلمانية وتكون علمانيتي مستندة على اساس هش . أما بعد هذا الكتاب فإنني  لست علمانياً بسبب إشكالات الإسلام السياسي ... بل لأن العلمانية كما يصفها مراد وهبة هي طريقة تفكير , لأن العلمانية هي ما يجب أن يكون , حينها فقط أصبحت علمانيا صلباً .

وبما أننا نطمح لنؤسس للعلمانية والعقلانية والنسبية فإن هذا غير ممكن دون أن ننطلق من العقل , لا يمكن أن ننادي بالعقلانية التي ليست حكراً على أصحاب دين أو ملة دون أن نعرف العقل وأن نتعامل معه ككيان مستقل عن الدين وأن نعرف ما له وما عليه ... فكل ما يحدث في الساحة الثقافية والسياسية الآن هو الحديث عن العقل داخل حدود الدين وليس العكس , وهذا ليس تأسيساً للعقلانية بل هو تأسيس لتدين يدعي العقلانية ليس إلا ... والتسامح والعقل ليسا حكرأ على المسلمين , كما السودان الذي نحلم بإنعتاقه من قبضة الإسلامويين , ليس ملكاً للمسلمين دون سواهم , لذا سأحاول في هذا المقال أن أنتصر للعقل الذي قيده فكر الإسلامويين الشمولي والعلمانيون الذين يتحركون فقط في الحيز الضيق الذي تسمح به فتاوى الكهنة وقناعات العامة . لذا سيكون الجزء الأول من هذا المقال سياحة في كتاب أولية العقل للأستاذ عادل ضاهر .