Saturday, December 24, 2016

معضلة التجديد والإصلاح الديني

في البداية أتوجه بالتحية الى مسيحيي العالم بمناسبة عيد الميلاد المجيد وأمنياتي لهم وللبشرية جمعاء أن يعم الحب والسلام ارجاء هذا الكوكب

حين تطرح قضية تطبيق الدين والتصور الديني للواقع لا بد عاجلاً أم آجلاً من ظهور مصطلحي الإصلاج التجديد الديني , وتأتي فكرة التجديد الديني للإصلاح والتوفيق بين ما يقدمه الدين ويطالب به وبين ما يحتاجه الواقع ويسعى اليه , ولكن ماذا نعني بالتجديد أو الإصلاح الديني ؟ مصطلحات مثل الإصلاح الديني و التجديد الديني كغيرها من المصطلحات داخل الفضاء اللاهوتي والميتافيزيقي حولها إلتباس كبير ولغط أكبر ... بين من يراه أمراً حتمياً لا بد منه وبين من يراه طعناً في التراث والهوية , بين من يحاول التمسك بخطوط عريضة هي الأصل وإنتاج فهم جديد وحديث للدين فيكون حراكاً للأمام كما نرى من الذين يطرحون أنفسهم مجددين للدين تمتليء بهم الشاشات ومواقع التواصل الإجتماعي , وبين من يرى التجديد عودة الى أصل الدين وتنقيته من الشوائب فيكون حراكاً للوراء مثل أبو الأعلى المودودي في كتابه ((الموجز في تاريخ التجديد الديني) إذ يقول : المجدد من أحيا معالم الدين بعد طموسها , وجدد حبله بعد إنتقاضه ... والتجديد على حقيقته : تنقية الإسلام من كل جزء من أجزاء الجاهلية , ثم العمل على إحياءه خالصاً مخلصاً قدر الإمكان . والقرضاوي يقول : إن التجديد لشيء ما : هو محاولة العودة به الى ما كان عليه يوم نشأ وظهر بحيث يبدو مع قدمه كأنه جديد وذلك بتقوية ما هوى منه , وترميم ما بلى , ورتق ما إنفتق , حتى يعود الى أقرب ما يكون الى صورته الأولى ... فالتجديد ليس معناه تغيير طبيعة القديم , أو الإستعاضة عنه بشيء آخر مستحدث مبتكر , فهذا ليس من التجديد في شيء .

Saturday, December 3, 2016

تاريخانية الشريعة وتهافت تطبيق الحدود

في أي نقاش بيننا نحن الدعاة الى العلمانية وبين الإسلامويين والمدافعين عن ما يسمى بالحكم الإسلامي لا بد أن يأتي ذكر الشريعة الإسلامية وتطبيق الحدود الإلهية , فالتصور العلماني لدولة لا تمارس التمييز الديني وتفصل الشأن العام عن الخاص وتجعل الشأن العام شأناً عقلياً لا مكان فيه للقداسة لا بد أن يصطدم بالتصور الإسلامي للدولة التي تطبق القوانين الإلهية المتفوقة على أي قانون بشري . وتختلف المواقف من الشريعة بين من ينادي بتطبيقها دون جدال وأن الحكمة منها خارج نطاق إدراك العقل وبين من يحاول البرهنة على تفوق الحدود على غيرها من القوانين منطقياً وإحصائياً وبين من يحاول أن يستخرج معان أخرى من النص ليثبت أن النص يشمل حتى القوانين الحديثة ولا يتعارض معها ... المؤكد أنه في ظل قطاعات واسعة تتبنى الإسلام هو الحل وقد تشربت المطالبة بتطبيق الشريعة من التعليم والإعلام الإسلاموي فلا بد لنا أن نناقش قضية الشريعة والحدود إذا أردنا التحول من الدولة الدينية الى الدولة العلمانية . ومناقشة المطالبات بإقامة الحدود ليس بالأمر الهين , فنقطة البداية هي أن نعرف فلسفة الدولة وموقع الإنسان منها وموقع الدين منها والنظر الى القانون كعلم وتاريخ ومدارس لا كنصوص دينية ... ولكني في هذا المقال سأناقش تاريخ الشريعة والحدود والبيئة الثقافية والإجتماعية التي أنجبتهما  , وهنا لن اناقش النصوص الدينية أو أحاول إستنباط أحكام أو معان منها ... بل سننظر الى تاريخ الشريعة نظرة عقلانية لنصل الى إجابة سؤال مهم : هل الشريعة والحدود قانون إلهي صالح لكل زمان ومكان أم لا ؟