Thursday, January 26, 2017

السنة والسياسة

في مجتمعاتنا ذات الغالبية المسلمة يصطدم حراك الحداثة والتنوير بثقافتنا الماضوية المصابة بداء الأسلمة , فكل شيء لا بد أن يكون إسلامياً ... فاللبس إسلامي والتشريع إسلامي والقانون إسلامي والحكم إسلامي والمجتمع إسلامي وكل صغيرة وكبيرة لا تتكسب شرعية الوجود إلا إذا كانت ذات بصمة إسلامية , وهنا نحن أمام معضلتين ... الأولى في تعريف ما هو إسلامي وما هو غير إسلامي , والثانية في أن نثبت أو ننفي أن حق التفكير والتعبير والممارسة هل يقتصر على ما هو إسلامي أم لا ؟ فهل قوانين الشريعة التي ينادي بها رجال الدين من قطع يد السارق وجلد الزاني وقتل المرتد هل هي إسلامية حقاً أم لا ؟ وهل وصم نمط التفكير أو الخطاب الآخر بأنه غير إسلامي يمنحنا الحق في قمعه وإسكاته ؟ والآفة التي أصابت مجتمعاتنا حتى هذه اللحظة أننا الى الآن لم نثبت حق الإنسان في التفكير والنقد الحر ... فرجال الدين الذين يختبؤن خلف قداسة الإله منطلقين من دعواهم بشمولية الدين لكل شيء قسموا كل شؤون حياتنا الى ما هو إسلامي وغير إسلامي , حتى صارت هذه الدعاوى جزءاً من لا وعي مجتمعاتنا ... لم نستطع حتى الآن بعد وصمة العار التي لحقت بالعلمانية أن نحدد ما هو الشأن الديني وما هو خارج الشأن الديني , لذا نجد الحداثيين ودعاة التغيير عندنا يحاولون أن يستمدوا من قداسة الدين ويستفيدوا من الثقافة السائدة بدل أن يحاولوا تغييرها , فبدل أن يعيدوا تعريفنا للدين وفهمنا له يحاولون تغيير تعريف ما هو إسلامي ووصف خطابهم بأنه الخطاب الإسلامي الجديد وليس خطاباً كافراً أو زنديقاً أو مبتدعاً كما يصفه الأصوليون لأنهم لا يزالون عالقين في ثنائية القداسة والدناسة .