Wednesday, September 7, 2016

نقد قانون إزدراء الأديان

في البداية اهدي هذا المقال الى المفكر الدكتور سيد القمني , وقبله الى شهيد الفكر والكلمة الدكتور فرج فودة ... الى كل من صودرت حريته او فقد حياته بسبب ممارسته حرية التفكير او التعبير , الى الشجعان الذي يعيشون في مجتمعات ترى الرصاصة انبل من الكلمة ويرون الحق مع الكثرة والغلبة ... الى هذه الأقلية أقول لا تهنوا ولا تحزنوا
فالنصر حليفكم وإن طال الحصار , فالرصاصة تصدأ والسجان يموت ... ولكن الفكرة باقية ما بقيتم
قانون حماية الأديان من السخرية والإزدراء ... هل هو قانون يحمي الأديان ومعتنقيها من الأذى النفسي أم أنه تأسيس لقمع الحريات ومصادرتها بإسم الدين ؟ وهل هذا القانون يعني أن الأديان فوق الإنتقاد ؟ قبل أن أحاول الإجابة على هذه الاسئلة يجب أن نفرق بين النقد والإزدراء ...
فعل نقد او نقد الشيء اي بين حسنه ورديئه وبين عيوبه ومحاسنه , وأما الإزدراء فهو الإحتقار والإستخفاف وإزدراه أمام الناس أي أهانه .
وكثير من المتدينين الذين يقفون مع قانون إزدراء الأديان تجدهم لا يعترضون على النقد الجاد ولكنهم ضد السخرية ولا يقبلونها ابداً ... ولكن اليست السخرية اسلوباً من اساليب النقد ؟ فكل من له اقل اضطلاع يعرف مكانة السخرية في الأدب قديماً وحديثاً , كتب دكتور منير توما في مقال بعنوان : السخرية ودورها في الأدب (تحتوي السخرية في الأدب على توليفة من النقد، والهجاء والتلميح، واللماحية، والتهكم والدعابة، وذلك بقصد التعريض بشخصٍ ما، أو فكرة، او أيّ أمرٍ، ومحاولة تعريته من خلال إبراز الثغرات والسلبيات وما فيه من قصور أو نقصٍ ما، وبالتالي فإن الأدب الساخر يهدف الى التصحيح على الصعيدين الأخلاقي والجمالي معًا )
واما الفرد ادلر فقد حلل السخرية الى عناصرها الأولية فقال :
"هي خليط من انفعالين هما الغضب والاشمئزاز: فنحن إذ تثور فينا غريزة النفور نشمئز، فإذا عدا الشيء الذي أثار اشمئزازنا على صفاء عيشنا، من أية ناحية من النواحي، بعثت فينا غريزة المقاتلة والانفعال المقترن بها، وهو الغضب، فدفعا بنا إلى السخرية مما بعث اشمئزازنا أو ممن أثاره في نفوسنا. ولا يخلو هذا من عنصر الزهو، لأننا ننزع إلى الرضا عن أنفسنا والاسترواح إلى شعورنا، عقب مطاوعة السخرية والانسياق معها".
اذن فالسخرية ليست نوعا واحدا ... فالسخرية هي نوع من التعبير , فقد تكون السخرية لا غرض لها سوى الإضحاك وعند إذن تكون فكاهة , أو قد تكون هجاءاً في شكل مثير للإضحاك أو قد يتخذ النقد شكلاً ساخراً.
لذلك قبل أن نحدد كيف نتعامل مع السخرية أو مع الساخر يجب أن نحدد ما هي الفكرة أو الرسالة خلف السخرية , فالسخرية هي طريقة للتعبير عن فكرة أو شعور ما ... وليس من المنطق ابداً أن ينصب تركيزنا على اسلوب التعبير عن الأفكار متجاهلين ذات الأفكار المراد التعبير عنها .
لذا قبل أن نتخذ موقفا ضد الساخر لا بد ان نحدد موقفنا من الفكرة التي ينطلق منها والقناعة التي يستند عليها , فإذا كان الهدف هو منع السخرية فإن الأولى تفنيد الأفكار والمشاعر التي يتم التعبير عنها بأسلوب ساخر إذا كنا نتفق مع الساخر في منطلقاته الفكرية ونختلف معه في الأسلوب . أما قمع السخرية بدون النظر اليها بعين متفهمة وموضوعية فإن هذا دليل ضعف , دليل على أن السخرية التي نحاول كنسها تحت السجاد تعبر عن حقائق لا نستطيع إنكارها واسئلة عجزنا عن إجابتها .
سأدلل على قناعتي هذه بعدة أمثلة ونماذج إصطدمت فيها حرية التعبير بالعاطفة الدينية , صحيح أن موقف الإسلام الأصولي واضح جداً في المسألة وخصوصا في قضية سب الرسول والسخرية منه التي يجعل عقوبتها القتل حتى ولو بعد التوبة رغم أن التوبة تسقط العقوبة عن من سب الله ولكنها لا تسقطها عن من سب الرسول ! وبذلك يجعل الدين الإسلامي عقوبة الإساءة للرسول اقوى وأشد من الإساءة للذات الإلهية ذاتها ... ستجد منشورا على اليوتيوب مقطعاً للكوميدي روان اتكينسون وهو يقرأ مقاطع من الإنجيل ويسخر من قصة النبي يسوع وسط حضور به نسبة مقدرة من المسيحيين , فما كان منهم إلا أن ضحكوا وغادروا بعد إنتهاء العرض ! لأنهم على يقين أن يسوع لا يحتاج إلى دفاعهم عنه ... إذن لماذا المقدسات الإسلامية هي المقدسات التي يموت من ينتقدها ؟ لأنه حكم ديني
ولكنني لست رجل دين وحديثي هذا ليس حديث دين , في هذا المقال سنناقش القضية من منظور عقلي وسنراجع بعض الأحداث التي استخدمت فيها الرصاصة والقنبلة ضد المقال والكاريكاتير ... عسى أن نصل الى موقف عقلاني بخصوص موضوع إزدراء الأديان .
احداث تشارلي إيبدو
غالبيتنا يعرف أن أحداث تشارلي إيبدو كانت ردة فعل على رسوماتها المسيئة لرسول الإسلام وللدين الإسلامي , ولكن هذه الغالبية لا تعرف القصة والمفاهيم التي أدت الى تلك الأحداث ... القصة بدأت حين حاولت جهة ما إصدار قصة عن حياة النبي محمد للأطفال , لم يكن هناك أي مخطط أن تكون القصة مسيئة بأي شكل بل أن تكون قصة مقرونة برسومات تشرح أحداث حياته بصفتها جزءاً من التراث الإنساني , طبعا كل الرسامين الذين طلب منهم تنفيذ الرسومات رفضوا وكان سبب رفضهم واضحاً جدا : المسلمون سيقتلوننا !
وبسبب ذلك تم الإعلان عن مسابقة إسمها everybody draw muhammed ليرسم الجميع محمد , المسابقة هي ان ترسم رسما كاريكاتيريا لنبي الإسلام محمد وترسله الى مجلة تشارلي إيبدو ليتم نشره (مجلة تشارلي إيبدو هي مجلة ملحدة تنتقد كل الأديان وليس الدين الإسلامي فقط) ... فلسان حال من اعلنوا عن المسابقة وشاركوا فيها : لن نخضع لسلطة دينية , لن يستطيع المسلمون قمع حرياتنا , لن يستطيعوا أن يرهبونا جميعا أو أن يقتلونا جميعا .
وكردة فعل للمسابقة والرسومات حدثت مجزرة تشارلي إيبدو , إن الإرهابيين الذن نفذوا هذه الجريمة قد طبقوا حكم الدين الإسلامي السائد بين ظهرانينا الآن , وكثير من رجال الدين سيؤكدون على ذلك وفي جعبتهم الف مبرر لهذا القتل الديني المبارك ... فالله لا تلحقه معرة الإساءة ولكن الرسول تلحقه معرة الإساءة , يحق للرسول أن يتنازل عن حقه في قتل من سبه أما بعد موته فلا بد أن يأخذ المسلمون حق نبيهم بأيديهم وسيوفهم ... أما الآن فلسنا بصدد إطلاحق حكم ديني , لن أقول هذا حلال أو حرام أو كفر أو إيمان .... أنا وأنتم بصدد إطلاق حكم عقلي , بعيداً عن العواطف ... هل قتلهم كان تصرفاً عقلانياً ؟
ماذا نتج عن أحداث تشارلي إيبدو ؟ تضامن عالمي مع ضحايا تشارلي إيبدو , وعدد كبير من المجلات الفرنسية قررت دعم تشارلي إيبدو بنشر الأعداد الأخيرة من مجلة تشارلي إيبدو التي تحتوي على الرسومات التي أدت الى الهجوم الإرهابي على المجلة ... إنكسرت الرصاصة ووقف القلم شامخاً , فإن كان الهدف من احداث تشارلي إيبدو منع الرسومات وتخويف الرسامين ووضع خطوط حمراء أمام حرية التعبير فقدت فشلت هذه المحاولة الدموية بكل المقاييس ... إنتشرت الرسومات على أوسع نطاق وتم تمجيد الضحايا وتخليد ذكراهم وتجاوزت حرية التعبير كل الخطوط الحمراء متحدية الإرهاب والإرهابيين .
بإختصار : تطبيق الحكم الديني لم يأت بنتيجة تذكر .
تخيل نفسك عزيزي القاريء وعزيزتي القارئة امام جثة رميت بالرصاص ممسكة في يدها رسما كاريكاتيريا , وفوق هذه الجثة يقف قاتلها ويصرخ قائلا : لقد جرح شعوري بما رسمه ولقد أمرني ربي بقتله وبقتل من معه !
ما هو موقفك حينها من القاتل ؟!
حين تطالب شخصاً لا يؤمن بنبوة رسول الإسلام أن يحترمه , وسألك : لماذا يجب علي أن أحترم نبيك ؟ بماذا تجيب ؟ ... هل يحترمه لأنه فعلا يستحق الإحترام أم لأن القتل هو مصير من لا يحترمه ؟! ان من يسخر من مقدساتك فإنه ينطلق من فكرة أو من عاطفة ... هذه الفكرة قد تكون رأيا في واقعة من تاريخك الديني أو نقداً لحكم من أحكام دينك , والعاطفة كما شرح الفرد ادلر قد تكونا غضبا وإشمئزازا من ماضي مقدساتك أو حاضرها ... من شخص افزعته مذبحة بني قريظة أو مات له قريب بسبب قنبلة سربها ارهابي متخفيا داخل نقاب
ومواجهة السخرية يكون بمواجهة الفكرة التي انطلقت منها والعاطفة التي تحركها , فإذا عجزت عن تفنيد الفكرة أو التعامل مع العاطفة ... هل القتل هو الحل ؟
حتى لو تجاوزنا الإنسانية وحقوق الإنسان فإن الإجابة العقلية المنطقية البحته هي : لا . فمقدسك لا يخصك وحدك ولا يخص المؤمنين به فقط , مقدساتك جزء من التاريخ الإنساني والواقع المعاصر ... خصوصا حين تحاول نشرها وفرضها على الآخرين , وإسكات الآخر لم يعد مكمناً بل أصبح مستحيلاً في واقعنا المعاصر . فلم يعد منع هجاء الرسول ممكناً بقتل الشعراء وجعلهم عظة لغيرهم ... فالإعلام لم يعد يعرف حداً أو قيداً , إن الآخر وأفكاره لم يعد ذلك الغريب البعيد عنك الذي تتم شيطنته من قبل الإعلام الرسمي , بل صار على بعد نقرات وضغطات على حاسوبك ... يطرح افكاره ويدافع عنها , يحاورك ويجادلك , يؤثر فيك ويتأثر بك
فإذا أردت أن تضع قانونا يحمي المقدسات , ما هي المقدسات التي ستعترف بها وكيف ستحميها ؟ هل إذا ظهرت طائفة تقدس الشيطان سستمنع بقوة القانون إزدراء الشيطان ؟! إن الأفكار القوية هي الأفكار التي ترحب بالنقد وتفتح له كل الأبواب , فلو كان المعترض أو الساخر عقلانيا عندها يكون الحوار معه عقلانياً ... فالحفيقة التي لا يمكن ان نختبيء منها أنه لا يمكن أن يتفق كل البشر على شيء ما , ولا يمكنك مهما بلغت قوتك أن تقتل كل من عارضك ... وإن قتلتهم فلن تقتل أفكارهم ... فقبل أن تكون ردة فعل تجاه من يسخر من افكارك ومعتقداتك انظر الى نفسك نظرة موضوعية واسأل نفسك : هل افكاري ومعتقداتي تستحق ان يسخروا منها فعلاً ؟
متى كانت آخر مرة سمعت عن حملة مقالات أو رسومات تسخر من غاندي ؟ لو طلبوا منك أن تسخر من غاندي ماذا ستقول ؟ وكم شخصا سيتفق معك فيما تقول ؟ ليتضح لك ما أعنيه لا بد أن نقف على قصة محمد الموريتاني
محمد الموريتاني
محمد الموريتاني هو كاتب أودى به قلمه الى حكم الإعدام , والتالي هو مقال منشور على موقع رصيف22 يشرح قصة محمد الموريتاني ويذكر مقاله الأول ومقاله التوضيحي الذي نشره بعد مقاله الأول :
أكدت محكمة الاستئناف في مدينة نواذيبو، مساء يوم الخميس 21 أبريل 2016، حكم الإعدام الصادر بحق الكاتب الموريتاني محمد الشيخ ولد امخيطير، 31 عاماً، بتهمة الردة، وذلك على خلفية مقال كتبه قبل عامين.
والمقال المذكور قصد منه كاتبه الدفاع عن مصالح الطبقات الاجتماعية المظلومة في موريتانيا. ولكن المحكمة اعتبرته مسيئاً للرسول واتهمت كاتبه بـ"التحدث باستخفاف عن النبي محمد".
ومحمد ينتمي إلى شريحة "لمعلمين" التي يقول نشطاء منها أنها تتعرض للتهميش في موريتانيا. وكذلك يؤكدون أنها تعرضت تاريخياً لتشويه صورتها من قبل نخب المجتمع الدينية. ومقال محمد الشيخ كان جزءاً من الجدل المتصاعد وقتها.
وكان ولد امخيطير قد اعتقل بعد نشر المقال المذكور وحوكم في 24 ديسمبر 2014 ووجهت إليه المحكمة الجنائية في نواذيبو تهمة الاستهزاء بالرسول، ثم أعيد تكييف التهمة بحسب المادة 306 من قانون العقوبات لتصير الزندقة، وصدر حكم بإعدامه.
وفي الحكم الاستئنافي للمحكمة البارحة، حُكم عليه بالإعدام كفراً مع أخذ توبته محل تقدير. وأكدت المحكمة أنها ستحيله إلى النيابة العامة بالمحكمة العليا لتقدير توبته، ما يعني أن هنالك مرحلة جديدة في محاكمته.

المقال المثير للجدل بعنوان "الدين والتدين ولمعلمين"
لا علاقة للدين بقضيتكم أيها لمعلمين الكرام فلا أنساب في الدين ولا طبقية ولا "أمعلمين" ولا "بيظان" وهم يحزنون.
مشكلتكم إن صح ما تقولون يمكن إدراجها فيما يعرف بـ"التدين".
تلكم أطروحة جديدة وقد وجدت من بين لمعلمين أنفسهم من يدافع عنها.
حسناً،
دعونا الآن نعود للدين والتدين حتى نتبين موقع الأنساب والطبقية من الدين.
ما هو الفرق بين الدين والتدين؟
يقول الدكتور عبد المجيد النجار "إن حقيقة الدين تختلف عن حقيقة التدين؛ إذ الدين هو ذات التعاليم التي هي شرع إلهي، والتدين هو التشرع بتلك التعاليم، فهو كسب إنساني. وهذا الفارق في الحقيقة بينهما يفضي إلى فارق في الخصائص، واختلاف في الأحكام بالنسبة لكل منهما" (كتاب الأمة).
إذن: الدين هو وضع إلهي والتدين كسب بشري.
متى كان الدين ومتى كان التدين؟
مما لا شك فيه أننا إذا قسمنا الفترة الزمنية للإسلام إلى قسمين فسنجد:
ـ فترة حياة محمد وهي فترة دين
ـ ما بعد محمد وهي فترة تدين
تعالوا بنا لنأخذ بعض المشاهد من عصر الدين:
الزمان: بُعيد معركة بدر، 624 ميلادية
المكان: يثرب
ماذا حدث؟
الأسرى من قريش في قبضة المسلمين، والحكم قد صدر بما يلي:
قال المستشار الأول لرسول الله أبو بكر الصديق: "يا رسول الله، هؤلاء بنو العم والعشيرة والإخوان، وإني أرى أن تأخذ منهم الفدية، فيكون ما أخذناه قوة لنا على الكفار، وعسى أن يهديهم الله فيكونوا لنا عضداً".
ملاحظة: من هم الكفار إذا هنا في رأي أبي بكر؟
ثم كان بعد ذلك قرار أبي بكر هو القرار النهائي مع إضافة عملية التعليم لمن لا يملك المال.
لكن مهلاً. لقد كانت هنالك حالة استثنائية فقد أرادت زينب بنت رسول الله افتداء زوجها أبي العاص بقلادة لها كانت عند خديجة، فلما رآها رسول الله رقّ لها رقّةً شديدة، وقال لأصحابه: "إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها الذي لها فوافقوا على ذلك"، رواه أبو داود .
برأيكم ما هذا الاستثناء؟
الزمان: 625 ميلادية
المكان: أحد
الحدث: قتال بين المسلمين وقريش
قريش في مواجهة المسلمين انتقاماً لبدر ورغبة في القضاء على محمد وأتباعه.
هند بنت عتبة تستأجر وحشي لقتل حمزة مقابل حريته ومكافأة مالية تتمثل في حليها.
هند تصل للهدف وتمثل في جثة حمزة.
وبعد سنوات عدة وأيام ما يعرف بفتح مكة دخلت هند في الإسلام لتنال اللقب الشهير "عزيزة في الكفر، عزيزة في الإسلام".
أما وحشي فأمره النبي أن يتوارى عن أنظاره عند دخوله الإسلام.
هند قرشية ووحشي حبشي وإلا فما هو سبب التمييز بينهما وهم في الجرم على الأقل سواء أو إن شئتم الدقة فهند هي المذنب الحقيقي وما ذنب عبد مأجور؟
دائماً وفي نفس المعركة، أحد، ولنقارن ما حدث لـ"وحشي" مع دور شخص آخر هو خالد بن الوليد حيث أن هذا الرجل كان السبب الرئيسي في هزيمة المسلمين في أحد، وقتل عدد من المسلمين. ولكن عند دخوله الإسلام أخذ اللقب الشهير "سيف الله المسلول"، فلماذا لا يتم استقبال وحشي ويأخذ مثلاً لقب "حربة الله التي لا تخطئ الهدف"؟.
المكان: مكة
الزمان: 630 ميلادية
الحدث: فتح مكة
ما هي النتيحة؟
نال أهلُ مكة عفواً عاماً رغم أنواع الأذى التي ألحقوها بالرسول محمدٍ ودعوته، ومع قدرة الجيش الإسلامي على إبادتهم. وقد جاء إعلان العفو عنهم وهم مجتمعين قرب الكعبة ينتظرون حكم الرسول محمد فيهم، فقال: "ما تظنون أني فاعل بكم؟"، فقالوا: "خيراً أخٌ كريمٌ وابن أخٍ كريمٍ"، فقال: "لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ"، وذكر عبارة "اذهبوا فأنتم الطلقاء". وقد ترتب على هذا العفو العام حفظ الأنفس من القتل أو السبي، وإبقاء الأموال المنقولة والأراضي بيد أصحابها، وعدم فرض الخراج عليها، فلم تُعامل مكة كما عوملت المناطق الأخرى.
المكان: حصون بني قريظة
الزمان: 627 ميلادية
الحدث: إبادة بني قريظة
السبب:
1ـ تآمر رجالات من بني قريظة ضد المسلمين في حصار الخندق، هم القادة فقط إن عممنا مع العلم أن هنالك آية تقول: "ولا تزر وازرة وزر أخرى".
2ـ وقد ثبت أن النبي قال لليهود وهو مشرف على حصون بني قريظة وقد حاصرهم: "يا إخوة القردة والخنازير وعبدة الطواغيت أتشتمونني؟ قال فجعلوا يحلفون بالتوراة التي أنزلت على موسى: ما فعلنا ويقولون يا أبا القاسم ما كنت جهولاً ثم قدم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الرماة من أصحابه".
وقد ناداهم بذلك لشتمهم إيَّاه. (الطبري، 2/252، تحقيق الشيخ أحمد شاكر، وذكره ابن كثير، 1/207، تحقيق الوادعي).
أريد هنا قبل أن أواصل أن أشير إلى أننا في سياق الحديث عن النبي فنحن نتحدث عن ما يمكن تسميته "العقل الشامل" بدليل أنه لا ينطق عن الهوى.
ونعود للمقارنة بين الحالتين، مكة وبني قريظة:
بنو قريظة هموا بالتمالؤ، والأمر لم يحدث مع قريش من أجل القضاء على محمد ودعوته. فتم العفو العام عن قريش ونفذ الإعدام في بني قريظة سيان من همّ بنقض العهد أو من لم يهمّ بذلك فقد تم الحكم على بني قريظة، فقتل مقاتلتهم وسبي ذراريهم، فكان يكشف عن مؤتزر المراهقين فمن أنبت منهم قتل، ومن لم ينبت جعل في الذراري (الراوي: المحدث ابن الملقن، المصدر: البدر المنير، 6/670، خلاصة حكم المحدث: صحيح مشهور).
وهذا غلام ويُدعى عطية القرظي، لم يُقتل لأن المسلمين كشفوا عن عورته ولم يجدوا شعراً (دليل البلوغ) فنجا من السيف المحمدي.
عن عطية القرظي، قال: "كنت من سبي قريظة، عرضنا على النبي، صلى الله عليه وسلم، فكانوا ينظرون، فمن أنبت الشعر قتل، ومن لم ينبت لم يقتل، فكشفوا عانتي، فوجدوها لم تنبت، فجعلوني في السبي" (عطية القرظي، المحدث: الألباني، المصدر: تخريج مشكاة المصابيح، 3901، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح.
قريش واجهت المسلمين في أكثر من معركة وحاصرتهم حصاراً شديداً في الخندق وفي بدايات الدعوة انتدبت أربعين شاباً لقتل محمد ليلة الهجرة وقبل الهجرة وفي مكة قتلوا وعذبوا المسلمين أشد تعذيب وفي فتح مكة وجدوا أمامهم أخاً كريما وابن أخ كريم فقال لهم اذهبوا فأنتم الطلقاء.
بني قريظة فقط همّوا بالتحالف مع المشركين فكان جزاءهم القتل الجماعي.
أين راحت الرحمة؟
أم أن للأخوة و"أَتْبَنْعِيمَه" دورها في "العقل الشامل/ المطلق".
وكخلاصة:
إذا كان مفهوم "بنو العم والعشيرة والإخوان" يجعل أبا بكر يحجم عن قتل المشركين؛
وعلاقة الأبوة بين زينب والرسول تمنحها إطلاق سراح زوجها مجاناً؛
والانتماء القرشي يعطي ألقاب البطولات للقرشيين ويمنعها عن الحبشيين؛
والأخوة وعلاقة الدم والقربى تمنح حق الرحمة لقريش في الفتح وتحرم بني قريظة من ذلك الحق؛
وكل هذه الأمور تتم في عصر الدين فما بالك بعصر التدين؛
إخوتي
أريد فقط أن أصل معكم، وأخاطب لمعلمين أساساً، أن محاولة التفريق بين روح الدين وواقع التدين هي محاولات "طيبة لكنها لا تنافس" فالحقائق لا يمكن طمسها، وهذا الشبل/ البيظاني من ذاك الأسد.
وأن الذي يعاني يجب أن يكون صريحاً مع ذاته في سبب معاناته مهما كان السبب، إذا كان الدين يلعب دوراً فلنقلها بأعلى صوت: يلعب الدين ورجال الدين وكتب الدين أدوارهم في كل القضايا الاجتماعية من: قضايا لحراطين ولمعلمين وإيكاون الذين لا زالوا صامتين رغم أن الدين يقر بأن مأكلهم حرام ومشربهم حرام وعملهم حرام.
المقال التوضيحي بعنوان "توضيح حول مقال الدين والتديّن ولمعلمين"
لقد تابعت خلال الأيام الماضية ردات الفعل المختلفة حول مقالي "الدين والتدين ولمعلمين" والتي كانت في أغلبها ردات فعل تكفيرية وعنصرية إلى حد بعيد واتصالات هاتفية مشحونة بالتهديد والوعيد.
لقد ساعد في ردات الفعل تلك مجموعة عوامل منها:
ـ التحليل التآمري المتأصل لدى "أزواي" والمتمثل في تهويد وتكفير وتهميش كل ما هو "أمعلم" والأخذ بسطحيات الأمور من أجل قضاء حاجات في أنفسهم المريضة قضوا منها وطراً في ما مضى وذلك من خلال تلفيقهم للأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والرسول منها براء مثل: "لا خير في الحداد ولو كان عالماً".
إخوتي جميعاً؛
إن من يتجرأ على وضع الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سوف لن تمنعه أخلاق ولا دين عن القيام بتأويل مقال لشخص بسيط في عالم مغمور و لا سيما إذا كان هذا الشخص "أمعلم"، ولن يبخلوا جهداً في تحريك العاطفة الدينية لدى عامة المسلمين إذ وصلت بهم الوقاحة إلى إشاعة أن "لمعلمين" أساؤوا للرسول صلى الله عليه وسلم من خلال مقال كتبه "أمعلم"، وهكذا تماماً كما أشاعوا قبل هذا أن من أسقط ثنية الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد هو "أمعلم".
وفي هذا الإطار أريد أن أؤكد على ما يلي:
1ـ لم أسئ في ما مضى عن قصد أو عن غير قصد للرسول صلى الله عليه وسلم ولن أفعل مستقبلاً، ولا أؤمن أن في هذا العالم من هو أكثر مني احتراماً له صلى الله عليه وسلم.
2ـ إن جميع الأحداث والوقائع التي ذكرتها في مقالي السابق هي أحداث حقيقية وتاريخية وكجميع الأحداث لها مظاهرها السطحية ومغازيها العميقة.
3ـ هذه هي النقطة الأهم والتي شكلت سوء فهم لدى الكثيرين ممن قرأوا المقال وأود منكم الانتباه لها، فعكس ما روّج له البعض عن أنني أسأت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أريد هنا أن أوضح ما أردت تبيانه: وهو أنه أمام ثنائية المظهر السطحي والمغزى العميق فقد استخدم "أزواي" سطحية تلك الأحداث والوقائع التي حدثت في عصر الدين ليؤسسوا عليها ما يخدم مصالحهم في زمن "السيبة" من خلال تقديم تلك السطحية على شكل تشريع تديني انتقل مع الزمن إلى يومنا هذا، وكانوا يهملون المغازي العميقة للنبي صلى الله عليه وسلم.
إذن إخوتي جميعاً؛
إلى كل من أساؤوا فهمي عن قصد: تعلمون أنني لم أسئ للنبي صلى الله عليه وسلم وكفاكم طمساً للحقائق.
إلى الطيبين الذين أوصل لهم الخبر الملفق فقط: اعلموا أنني لم ولن أسيئ للنبي صلى الله عليه وسلم وأنني أتفهم جداً حجم غيرتكم للرسول الكريم والتي هي تماماً كغيرتي وحبي له، وأننا جميعاً في مستوى واحد للدفاع عن كل مساس بمقدساتنا.
إخوتي لمعلمين؛
يجب أن نعرف جميعاً أننا في صراع قديم متجدد مع ما يسمى "أزواي"، وأنهم لن يدخروا جهداً من أجل إرجاعنا للوراء قدر الإمكان وسيستخدمون جميع الوسائل المشروعة واللامشروعة ويجب علينا أن نكون منتبهين حذرين وأن نعرف أن من بين أولويات الوسائل التي يستخدمونها هو عامل التفرقة الذي استوحوه من رفيقهم القديم: "المستعمر" والمتمثل في قاعدة "فرق تسد"، لذا يجب أن نعي جيداً هذا الأسلوب وأن نحافظ على وحدتنا وعلى وحدة نضالاتنا.
إخوتي المستضعفين جميعاً؛
علينا أن نعرف، بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، أن قدرنا أن تكون هذه الأرض وطن لنا، لذا يجب علينا أن ندافع عن حقنا في وطننا، وحقنا في العيش الكريم، ذلك الحق الذي لن يمنح لنا وإنما سنناله بنضالاتنا، وبقدر ما تتوحد تلك النضالات بقدر ما سرع ذلك بالوصول للهدف المنشود.
إنتهى
الناظر الى ما كتبه محمد الموريتاني والى الحكم الذي واجهه يلاحظ أنه لا أحد يعارض الأحداث التي إستدل بها , في حقائق في تاريخهم التي لا ينكرونها بل يستدلون بها ويعتزون بها أحياناً أخرى ... الإعتراض كان على الإستنتاجات التي وصل اليها محمد الموريتاني , بمعنى أننا لا نسمح لأحد أن يفهم تاريخنا الا كما فهمناه وان لا يستنتج منه الا ما يرضينا !
تلاحظ ايضاً في المقال الثاني لمحمد الموريتاني أنه يدافع عن نفسه ضد من يحاولون حماية مقدساتهم التي إنتهك قداستها تحليل محمد الموريتاني بأنه يقدس ما يقدسونه ولكنه ضد تاريخ هذه المقدسات لأنه تاريخ عنصري بغيض , ويتجلى هذا في ظاهرة القرآنيين الذين يحاولون اظهار الدين الإسلامي بمظهر جديد بعيدا عن هذا التراث الدميم ... وإسمحوا لي أن اؤجل نقاش ظاهرة القرآنيين في مقال قادم بعنوان : السلف الصالح نسبياً
والآن فلنعد الى محمد الموريتاني , تخيل نفسك مرة أخرى أمام محمد الموريتاني ... تخيله يسرد لك تاريخا تتفق معه عليه , تخيله يستنتج أمامك إستنتاجات لا تستطيع أن تعيب طريقة إستنتاجه لها , تخيله يسألك اسئلة لا تستطيع أن تجيبها ... تخيله يقول : لماذا يفرق الله ورسوله بين قريش وبني قريظة ؟ بين وحشي وهند بنت عتبة ؟ ... والسؤال الأهم عزيزي القاريء وعزيزتي القارئة : هل عجزك عن إجابة تساؤلات محمد الموريتاني مبرر كاف لقتله ؟!
د. سيد القمني
انطلاقا من ما سبق أدق ناقوس الخطر بخصوص قضية الساعة , محاكمة د. سيد القمني بتهمة إزدراء الدين الإسلامي ... سيد القمني لا يحتاج الى قلم متواضع مثلي ليكتب عنه , فبمجرد إنتشار خبر محاكمته حتى إنتشرت روابط كتبه الإليكترونية على الإنترنت إنتشار النار في الهشيم ... وجريمة سيد القمني البشعة التي لا تغتفر أنه ضد تدريس أطفال مصر وشبابها في الأزهر المسمى زوراأ معقل الوسطية أنه يجوز قتل الكافر والمرتد وشوي لحمه وأكله ! أن السبي وإغتصاب الجواري حلال جائز ! أن العبد الذي يهرب من سيده كافر حتى يعود إليه ! أن المصري المسيحي من حقه أن يبني الكنيسة ويرفع الصليب في وطنه !
جريمة سيد القمني أنه يدافع عن الإنسان في زمن تنتهك فيه الإنسانية وتروج الوحشية والهمجية بإسم الدين
قد خسرنا قبلاً شهيد الفكر والكلمة د. فرج فودة في إغتيال دنيء رخيص من شيوخ الظلام الذين عجزوا أن يردوا على الكلمة بالكلمة فردوا على الكلمة بالرصاصة , أما إن نجح إغتيال سيد القمني تحت غطاء القانون فإنها ستكون ضربة قاصمة لمسيرة التنوير ... وعلى مصر السلام .

No comments:

Post a Comment