Saturday, December 24, 2016

معضلة التجديد والإصلاح الديني

في البداية أتوجه بالتحية الى مسيحيي العالم بمناسبة عيد الميلاد المجيد وأمنياتي لهم وللبشرية جمعاء أن يعم الحب والسلام ارجاء هذا الكوكب

حين تطرح قضية تطبيق الدين والتصور الديني للواقع لا بد عاجلاً أم آجلاً من ظهور مصطلحي الإصلاج التجديد الديني , وتأتي فكرة التجديد الديني للإصلاح والتوفيق بين ما يقدمه الدين ويطالب به وبين ما يحتاجه الواقع ويسعى اليه , ولكن ماذا نعني بالتجديد أو الإصلاح الديني ؟ مصطلحات مثل الإصلاح الديني و التجديد الديني كغيرها من المصطلحات داخل الفضاء اللاهوتي والميتافيزيقي حولها إلتباس كبير ولغط أكبر ... بين من يراه أمراً حتمياً لا بد منه وبين من يراه طعناً في التراث والهوية , بين من يحاول التمسك بخطوط عريضة هي الأصل وإنتاج فهم جديد وحديث للدين فيكون حراكاً للأمام كما نرى من الذين يطرحون أنفسهم مجددين للدين تمتليء بهم الشاشات ومواقع التواصل الإجتماعي , وبين من يرى التجديد عودة الى أصل الدين وتنقيته من الشوائب فيكون حراكاً للوراء مثل أبو الأعلى المودودي في كتابه ((الموجز في تاريخ التجديد الديني) إذ يقول : المجدد من أحيا معالم الدين بعد طموسها , وجدد حبله بعد إنتقاضه ... والتجديد على حقيقته : تنقية الإسلام من كل جزء من أجزاء الجاهلية , ثم العمل على إحياءه خالصاً مخلصاً قدر الإمكان . والقرضاوي يقول : إن التجديد لشيء ما : هو محاولة العودة به الى ما كان عليه يوم نشأ وظهر بحيث يبدو مع قدمه كأنه جديد وذلك بتقوية ما هوى منه , وترميم ما بلى , ورتق ما إنفتق , حتى يعود الى أقرب ما يكون الى صورته الأولى ... فالتجديد ليس معناه تغيير طبيعة القديم , أو الإستعاضة عنه بشيء آخر مستحدث مبتكر , فهذا ليس من التجديد في شيء .

ماذا نعني بالتجديد الديني ؟ هل هو إحياء السنة ونبذ البدع ؟ أم هو الإجتهاد المفتوح خارج الحدود المذهبية والحواجز الفقهية ؟ لست بصدد إختيار تعريف للتجديد الديني أو موقف منه في هذا المقال , ولكن قبل أن نتحاور حول التجديد الديني لا بد أن نفهم أولا موروثنا الديني ومفاهيمنا الدينية التي تجذرت في وعينا الجمعي , وهذا لا يتحقق ولا يتم إلا بدراسة وتمحيص تراثنا الديني والظروف الإجتماعية والثقافية والسياسية التي أنتجته وأثرت فيه ... وهذا اعزائي القراء هو موضوع هذا المقال . وإذا كان بعض دعاة التجديد الديني ينادون بالعودة الى الأصول وتنقيتها من الشوائب فلا بد من أن نعرف ما نعنيه بالأصول وما هو تاريخ نشاتها وتقديسها , وإذا أردنا أن نناقش تاريخ الأصول فلا بد أن نسرد تاريخها بشكل إنساني واقعي ... يجد مسببات للأحداث والوقائع في الظروف النفسية والمعرفية والإجتماعية والثقافية والسياسية التي شكلت هذا التاريخ , لا بشكل متعالي ميتافيزيقي لا يمكن دراسته أو نقده ... إستعنت بعدة كتب في كتابة هذا المقال , لكن أهم تلك الكتب والذي يمثل جحر الأساس لهذا المقال هو كتاب : ما وراء تقديس الأصول مساهمة في نزع أقنعة التقديس للدكتور علي مبروك , أنصحكم اعزائي القراء بقراءة هذا الكتاب القيم لمن أراد أن يستزيد حول هذا الموضوع . ولا أنسى هنا أن أتوجه بالشكر للصديق الروائي والشاعر السوداني الطيب عبد السلام الذي أشار علي بقراءة هذا الكتاب وكتابة مقال عنه .
بين مقدس القبيلة ومقدس الدين

لا يمكننا أن ندرس تاريخ الدين الإسلامي دون أن ندرس ما سبقه , فالإسلام لم ينزل على فراغ ... بل على بيئة ومحيط لها مميزاتها وخصائصها التي أثر فيها وتأثر بها , فالعقل الأصولي الذي يقدس أصلاً ويدور في مداره ويعود إليه لم يبتدعه الإسلام , بل كان موجوداً في الثقافة العربية الأبوية , وهذا الأصل هو القبيلة ... فالقبيلة هي مصدر التشريع وهي المؤثر في ميزان القوى وهذا التأثير ينعكس على سير المجتمع والقوانين والتشريعات والعرف والتقاليد , ثم يأتي الدين ليخلخل هذه القداسة ويزحزح مركزية القبيلة , فيصير الإله هو المشرع وليس القبيلة ويبقى ما وافق الدين ويندثر ما خالفه من تشريعات وقوانين واعراف وتقاليد , وإصطدام المقدسين الدين والقبيلة لا يمكن أن يحل إلا بالتماهي بين المقدسين أو أن يختبيء أحدهما خلف الآخر كما سيظهر لنا في السطور والأحداث القادمة .

ونبدأ من الصراع حول الخلافة بعد موت النبي , ونذكر اللجاج الذي دار بين عمر وإبن عباس ليجابه طموح آل البيت في خلافة الرسول فيقول : إن الناس قد كرهوا أن يجمعوا لكم النبوة والخلافة , وإن قريشاً قد إختارت لنفسها فأصابت (الطبري تاريخ الرسل والملوك) , وتظهر الكلمات أعلاه في مصدر آخر بعد تحوير وتعديل ملفت في زمن مختلف ومتحاورين مختلفين , وهنا إبن عباس يخاطب الحسين بن علي إبان مسيره الى الكوفة طالباً الأمر لنفسه بدلاً من يزيد , فيقول إبن عباس : والله يا بن أخي ما كان الله (وليس الناس) ليجمع لكم بين النبوة والخلافة . (المقريزي : التنازع والتخاصم بين بني أمية وبني هاشم) (إبن خلدون : كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر)

إن هذين الموقفين سواء حدثا فعلا أم تم وضعهما وإختلاقهما ليوضحان قوة القبيلة وأثرها وأن مقدس القبيلة لا يزال حاضراً ومؤثراً فمقدس الدين فشل في إزاحة القبيلة أو إلغاء القبلية , وتحولت القبائل التي تتنازح حول حق السقاية والكسوة وغيرها تتنازع حول النبوة والخلافة , وإختبأ مقدس القبيلة خلف مقدس الدين ليستمد من قداسته , فصارت إرادة الناس التي حرمت آل البيت من الخلافة هي إرادة الله التي وقفت في وجه الحسين وإنتصرت ليزيد , وهكذا بدأ إنتاج التقديس وإنتقاله من الديني والسياسي والإحلال والتماهي بين القبيلة والإله فتصير إرادة قريش هي إرادة الله .

إن الثقافة القبلية التي ترسخت في عقول من تدور حولهم تلك الأحداث تجعلهم غير قادرين على التفكير في شان الرئاسة والحكم خارج منظومة القبيلة , فيروي البخاري أن أبو بكر دخل على إمرأة من أحمس يقال لها زينب , فرآها لا تتكلم , فقال مالها لا تكلم , فقالوا حجت مصمتة (صامتة) , فقال لها تكلمي فإن هذا لا يحل , هذا من عمل الجاهلية , فتكلمت , فقالت : من أي من أنت ؟ فقال : إمرؤ من المهاجرين , قالت أي مهاجرين ؟ قال من قريش , قالت من أي قريش أنت ؟ قال إنك لسؤول أنا أبو بكر , قالت : ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح الذي أتى به الله بعد الجاهلية ؟ قال : بقاؤكم عليه ما إستقامت به ائمتكم , قالت وما الأئمة ؟ قال : أما كان لقومك رؤوس وأشراف يأمرونهم فيطيعونهم , قالت : بلى , قال : فهم اولئك على الناس . (صحيح البخاري) (عبد المنعم ماجد : التاريخ السياسي للدولة العربية)

وهكذا بقي نظام القبيلة كما هو وتحول الرؤوس والأشراف الى ائمة , وربما (مع التشديد على كلمة ربما) هذا يفسر الحادثة التي رواها الشهرستاني أن عمر بن الخطاب رد طلب الرسول وهو في مرضه الأخير للقرطاس والدواة معترضاً قائلاً : إن رسول الله قد غلبه الوجع , حسبنا كتاب الله , فكثر اللغط , وقال النبي : قوموا عني لا ينبغي عندي التنازع . (الشهرستاني : الملل والنحل)

ورغم أن هذه الحادثة دائماً تثار حول حجية السنة إلا أن الشيعة يذهبون أن الرسول كان يريد في كتابه هذا أن يخلف الأمر لعلي , وهذا محض إستنتاج لا دليل عليه ... ولكن لو أخذنا هذا الإستنتاج بعين الإعتبار فإنه يفسر مقولة عمر لإبن عباس أن قريشاً رفضت أن تجتمع النبوة والخلافة في آل البيت , فقد اورد إبن خلدون : (إن أهل البيت لما توفي رسول الله كانوا يرون أنهم أحق بالأمر , وأن الخلافة لرجالهم دون سواهم من قريش) . ويفسر كذلك مقولة بن عباس : إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله وبين كتابه . فنظام القبيلة لا يقبل التوريث ولا يسمح لرأس القبيلة أن يعين خليفته بل يتم ذلك (((بشورى))) مجلس القبيلة (خليل عبد الكريم : الجذور التاريخية للشريعة الإسلامية), ولو كان كتاب الرسول يعين خليفته لقضى ذلك على سلطان القبيلة ولتصادم الدين والقبيلة صداماً لا مخرج منه ... لذا إختبأ مقدس القبيلة خلف مقدس الدين وتحرك الصحابة بالقبلية المغروسة في لا وعيهم ورفضوا كتاب رسول الله بحجة إكتفائهم بكلام الله ... وربما كان إكتفاؤهم الحقيقي بكلام القبيلة . ولا تفهموا قرائي الأعزاء أن هذا هجوم على الصحابة أو إنحياز للسنة أو الشيعة , فكل منا تحركه ثقافته ولاعيه أأقر بذلك أم لا , وربما كان الكتاب يعين خليفة الرسول وربما لا ... لكن المؤكد أن صراع السلطة كان قبلياً بإمتياز , ليس بين شخص وآخر على أساس الدين أو الكفائة , بل على أساس قبيلة ارادت أن تحوز الخلافة مع النبوة وأخرى رفضت أن تترك آل البيت يحوزون كليهما .

معاوية , من القبيلة الى الإمبراطورية

يورد إبن خلدون مصرحاً أن مبدأ الشورى في السياسة مرتبط بمبدأ العصبية الذي ينتظم وجود القبيلة بيقول : (لأن الشورى والحل والعقد لا تكون إلا لصاحب عصبية يقتدر بها على حل أو عقد أو فعل أو ترك , وأما من لا عصبية له ولا يملك من أمر نفسها شيئاً ولا من حمايتها , وإنما هو عيال على غيره . فأي مدخل له في الشورى أو أي معنى يدعو الى إعتباره فيها , اللهم إلا شوراه فيما يعلمه من الأحكام الشرعية , و(هي) موجودة في الإستفتاء خاصة , وأما شورته في السياسة فهو بعيد عنها لفقدانه العصبية) (إبن خلدون : المقدمة)

إن ما ذكره إبن خلدون عن الشورى وإرتباطها بالعصبية يوضح بشكل جلي بطلان ما يسمى بالإسلام السياسي أو بالنظرية السياسية الإسلامية المثالية التي يدي الإسلامويون أنها تحققت في دولة الخلفاء الراشدين , فلم يكن هناك أحزاب ولا برلمانات ... لم يكن هناك صوت مسموع الى صوت القوة , وكانت القوة في القبيلة ... وإنتقلت قوة القبيلة من ما قبل الإسلام الى الإسلام , فلا يسمع صوتك بناء على الكفاءة أو حتى التدين ... بل يسمع صوت الأقوى فقط , قديماً كان صوت قريش والآن صار صوت الجيش .

ولم تنكسر سطوة القبيلة وطريقتها في تحديد الرئيس إلا مع معاوية الذي حول طريقة إنتقال الحكم من شورى مجلس القبيلة الى التوريث حين أراد توريث إبنه يزيد , وحتى الإحتجاجات التي واجهت معاوية بشأن توريث يزيد كانت على أساس قبلي لا أساس ديني ... فها هو عبد الله بن الزبير يحتج قائلاً : (إن هذه الخلافة لقريش خاصة , تتناولها بمآثرها السنية , وأفعالها المرضية , مع شرف الآباء وكرم الأبناء , فإتق الله يا معاوية , وأنصف مع نفسك) (إبن قتيبة : الإمامة والسياسة) , بدأ الأمر بأن قبيلة قريش جعلت الخلافة حقا لها دون سواها ... ثم يحاول بني أمية أن يستأثروا بالخلافة من سائر بطون قريش , بل إن الإعتراضات جاءت من بعض الأمويين الذين يرفضون كسر تقاليد القبيلة ... حتى أعلن معاوية : (إن أمر يزيد قضاء من القضاء , وليس للعباد الخيرة من أمرهم) , وهكذا بعد ان كان حكم القبيلة هو حكم الله صار حكم الخليفة هو حكم الله .

وهكذا نجح معاوية في كسر نظام القبيلة الذي لم يستطع كسره خليفة من قبل , وذلك بسبب إتساع دولة معاوية الى الشام وما ورائها مقارنة بالدولة النبوية المحدودة المحكومة بقبائل معدودة , ولكن بقي العقل الرعوي والنظام الأبوي كما هو , ولكنه تحول من تقديس قريش بأكملها وتمييزها عن غيرها الى تمييز الأمويين خاصة دون سائر قريش , وتحول التقديس والولاء من القبيلة الى الخليفة .

الثقافة النقلية ومركزية النقل

وكما كان طرح الإسلامويون للإسلام سياسي تحت عدة مسميات كخلافة أو دولة إسلامية له جذور في الجاهلية ونظامها الأبوي القبلي , كذلك ثقافة تناقل النصوص وتقديسها كاتت لها جذور في الجزيرة العربية قبل الإسلام ... يقول أحمد أمين في كتابه ضحى الإسلام : ومنزلة علم الحديث بالنسبة للعلوم الدينية كمنزلة علم الفلسفة للعلوم العقلية .

وهنا سؤال عن سلطة الأصل ومركزية النقل , بمعنى : لماذا تكون المركزية للنقل لا للعقل ؟

(الملة في أولها لم يكن فيها علم ولا صناعة لمقتضى أحوال البداوة , وإنما أحكام الشريعة كان الرجال ينقلونها في صدورهم , وقد عرفوا مأخذها من الكتاب والسنة بما تلقوه من صاحب الشرع وأصحابه . والقوم يومئذ عرب لم يعرفوا أمر التعليم والتدوين , ولا دعنهم إليه حاجة الى آخر عصر التابعين , وكانوا يسمون المختصين بحمل ذلك ونقله "القراء" , فهم قراء لكتاب الله سبحانه وتعالى , والسنة المأثورة التي هي في غالب موارده تفسير لو وشرح) (حاجي خليفة : كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون)

(ولهذا نجد أوطان العرب وما ملكوه في الإسلام قليل الصنائع بالجملة حتى تجلب من قطر آخر) (إبن خلدون : المقدمة)

إن الإقتباسات المذكورة أعلاه توضح بأن النقل والبحث عن أصل وتقديسه ليس ظاهرة بدأت مع الإسلام , بل هي ثقافة متجذرة في البيئة القبلية قبل الإسلام ... فتلك بيئة رعوية لا علم فيها ولاصناعة , والثقافة الأبوية تقتضي الإقتداء والإنقياد للأب (الأصل) وعدم الحياد عنها , وصار للنص الجديد الذي صار أصلاً جديداً سلطة معنوية ... فكان لقب حافظ أو راوي أو ناقل سلطة عليا , لأن هؤلاء هم القابضون على الرأسمال الشفاهي للجماعة . صحيح أن الإسلام حول المجتمع من حفظ القصائد والمعلقات الى حفظ الأحاديث إلا أن الثقافة النقلية بقيت كما هي , تعيد إنتاج ذاتها بشكل مختلف ... بل إن الثقافة النقلية كانت مستحكمة حتى في شأن العلوم العقلية ! وذلك يتمثل جلياً في سعي إبن رشد الى تكريس سلطة أرسطو كأصل لا سبيل إلا لتأسيه وإحتذائه , وذلك بإعتبار منجزه منتهى ما بلغته العلوم الإنسانية ! وبما يؤول اليه ذلك من ضرورة إستعادته أصلياً نقياً خالصاً مما تصوره ضروباً من الإنحراف والفهم المجاوز !

وهذا يثبت أنه حتى إبن رشد الرائد في الإنشغال في العلوم العقلية لم ينعتق من العقلية الماضوية الأصولية , فإبن رشد لم يستحضر أرسطو للنقد والتطوير ... بل كأصل يجب تقديسه وعدم تجاوزه , وهذه الثقافة هي السبب الرئيسي الذى أدى الى مركزية النقل وتهميش العقل حتى يومنا هذا , ثقافة تقتل الإبداع والتفكير الحر تحت شعار العودة الى الأصل والمثال الذي يجب العودة اليه وإحتذاؤه وهو فوق كل نقص .

بل إن ثقافة الطاعة والإنصياع الأبوية سبب رئيس في تقديس السلطان الذي تضافر في تقديسه المأثور النبوي مع المأثور الثقافي , يقول الغزالي : (الحضرة الإلهية لا تفهم إلا بالتمثيل في الحضرة السلطانية) . والمأثور المشهور السلطان هو ظل الله في الأرض دليل على محاولة التقريب بين السلطان والإله ... فيورد البخاري مأثوراً عن النبي : لا تسبوا الدهر فإن الدهر هو الله . ويكفي أن المرويات تنسب الى معاوية قوله : نحن الزمان ! إن المأثورات الشائعة في الثقافة تبين لنا محاولة التشبيه والتقريب بين الإله والسلطان مثل السلطان هو ظل الله في الأرض ومثل إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن ... إن الثقافة الأبوية الأصولية التي تسعى لتقديس الأب أو الأصل أو النموذج نراها فيما سبق تختبئ ورا المقدس الديني كما فعل مقدس القبيلة من قبل , فمثلاً يروي إبن عساكر في تبيين كذب المفتري فيما نسب الى الأشعري (السلطان ظل الله ورمحه في الأرض) , وما قاله أبو جعفر المنصور أول الخلفاء العباسيين : أيها الناس , إنما أنا سلطان الله في أرضه , أسوسكم بتوفيقه وتسديده , وأنا خازنه على فيئه , أعمل بمشيئته وأقسمه بإرادته وأعطيه بإذنه , قد جلعني الله عليه قفلاً إذا شاء أن يفتحني لأعطياتكم وقسم فيئكم وأرزاقكم فتحني , وإذا شاء أن يقفنلي أقفلني . وهنا بالمأثورات التي تذكر على لسان النبي والمأثورات الثقافية التي تنتجها البيئة الأبوية التي تقدس الأب لا يصبح السلطان مجرد شخص له وظيفة سيادية ... بل يصبح صفة من صفات الله ! فهو رمحه وقفله على خزائنه , فأبو جفعر المنصور لم يكن يوحى إليه ليعلم ما هي مشيئة الله ... ولكنه جعل مشيئته مشيئة الله وسلطانه سلطان الله , ويصبح تعريف الجاهلية الجديد ليس أن تموت وأنت لم تعرف الله , بل أن تموت وأنت لم تعرف السلطان .

بداية الأصولية

ننطلق من ما سبق من دور القبيلة وعاداتها التي شكلت بداية التاريخ السياسي فيما يسمى للدولة الإسلامية الأولى مروراً بالثقافة الرعوية الأبوية النقلية التي ساهمت في تعظيم السلطان وأثرت حتى على إبن رشد الذي جعل أرسطو أصلاً جديداً لنصل الى نشأة الأصولية أو ما يعرف بأصول الدين

يقارن الرازي في كتابه مناقب الشافعي بين الشافعي وأرسطو , فكما أن أرسطو أسس علم المنطق فأن أصول الدين منسوبة الى الشافعي ... بعمنى أن وضع قوانين وضوابط للنقاش في المسائل الفقهية والإحتجاج فيها منسوب الى الشافعي , لا الى الرسول ولا الى صحابته , فقبل الشافعي كانت الساحة الدينية مفتوحة للرأي والإختلاف حتى صار هذا الإختلاف مصدر شكوى داخل المجال الفقهي وتهديداً لإستقرار السلطة , ومن الأمثلة على ذلك ما قاله ربيعة الرأي واصفاً حال العراق بعد أن عاد منها الى المدينة : رأيت قوماً حلالنا حرامهم , وحرامنا حلالهم , وتركت بها أكثر من أربعين ألفاً يكيدون لهذا الدين . (أحمد أمين : ضحى الإسلام) وقتها تم الربط بين الإختلاف وبين الكيد للدين , والإختلاف يهدد السلطة لأنه يمنع الإجماع حولها , ثم يناصح ابن المقفع السلطة ويرجوها أن تجهز على الإختلاف فينصح أمير المؤمنين : أن يؤمر بهذه الأقضية والسير المختلفة , فترفع إليه في كتاب ويرفع معها ما يحتج به كل قوم من سنة وقياس , ثم ينظر أمير المؤمنين في ذلك , ويمضي في كل قضية رأيه الذي يلهمه الله ويعزم له عليه , وينهى عن القضاء بخلافه ويكتب بذلك كتاباً جامعاً لرجونا أن يجعل الله هذه الأحكام المختلطة الصواب بالخطأ , حكماً واحداً صواباً , ورجونا أن يكون إجتماع السير قربة لإجماع الأمر برأي أمير المؤمنين وعلى لسانه . (عبد الله بن المقفع : رسالة الصحابة , ضمن آثار بن المقفع)

ويستجيب أبو جعفر المنصور لنصيحة بن المقفع فيوكل المهمة الى رجل الفقه مالك قائلاً : ضع هذا العلم , ودون به كتاباً , وتجنب شدائد إبن عمر , ورخص إبن عباس , وشواذ إبن مسعود , وإقصد الى أوسط الأمور , لتحمل الناس على كتبك وعلمك . (أبو العرب التميمي : كتاب المحن) , قبل مالك المهمة ولكنه رد قائلاً : إن أهل العراق لا يرضون علمنا ولا يحتملون رأينا , فرد أبو جعفر المنصور أنه لا بد أن يجمل أهل العراق قسراً على المذهب الجديد ولو بلغ الأمر حد قتالهم ! (المصدر السابق)

المذهبية حين أطلت برأسها كان لها دافع واحد وهدف واحد , وهو إقصاء المخالف ... فلم يكن كل الصحابة على مذهب واحد كما يخيل لنا رجال الدين هذه الأيام , بل كانت لهم إختلافات وشدائد ورخص وشذوذ , أما المذهبية فكانت للتصنيف وإعلاء فريق وإقصاء آخر ... ففضاء الحرية قبل المذاهب كان لا يمنع الحوار والنقاش والإقتناع والإختلاف , ولا يمنع أي كان في الإنتقال من مذهب لآخر , ولكن حوجة رجل السلطة جعلته يفرض فهماً وتطبيقاً للدين تحت إسم مذهب ولو بالقوة , فالوحدة الدينية ستؤدي الى الوحدة السياسية وتشرعن تدخل الدولة في الشأن الديني .

وإذا كان مالك يعي ضرورة وحتمية الإختلاف بإختلاف العقل والواقع فإن الشافعي قد أزاح العقل والواقع وعطلهما بحجة فعالية النص , فيكتب الشافعي في كتاب إبطال الإستحسان : لو جاز لكل مفت أو حاكم أو مجتهد أن يستحسن فيما لا نص فيه , لكان الأمر فرطاً , ولإختلفت الأحكام في النازلة الواحدة على حسب إستحسان كل مفت , فيقال في الشيء ضروب من الفتيا والأحكام , وما هكذا تفهم الشرائع , ولا تفسر الأحكام) , ويظهر لنا من محاولة الشافعي لإزاحة العقل والواقع نقطتان هامتان ... الأولى هي خطاب ثنائية المقدس والمدنس , بمعنى أن الخطاب لم يطرح نفسه كرأي متاح للقبول والرفض ... بل كخطاب مقدس يرفض منازعته أو مناقشته , هذا الخطاب المتطرف الذي يقدس نفسه بتدنيس الآخر ... فتقديس النص يعني تدنيس العقل والإجتهاد والإستحسان , وتقديس النفس والمذهب يقتضي تدنيس الآخر ووصفه بالزندقة والكفر . أما النقطة الثانية فهي الثقافة النقلية التي تؤسس للإتباع وليس الإبداع ... فلا يحق للعقل أن يتحرك حراً دون معطى سابق , ولا يحق له إلا أن يقتدي بنموذج أول .

القداسة والقبيلة ورجل الدين

يأتي الدين كثورة على الواقع , وفي تاريخ الدين هناك ما تغير وهناك ما كان عصياً على التغيير ... ومن ذلك مقدس القبيلة الذي تخفى تحت قداسة الدين , ومقدس القبيلة كانت له إنعكاساته على الثقافة ... من ذلك علم الأنساب , فثقافة النقل ومركزية القبيلة أدت الى معرفة وضبط علم الأنساب كما ذكر محمود شكري الألوسي في كتاب بلوغ الرب في معرفة أحوال العرب فيقول : وهم كانوا أحوج شيء الى ذلك , حيث كانوا قبائل متفرقين و وأحزاباً مختلفين , لم تزل نيران الحرب مستعرة بينهم ... فحفظوا أنستبهم ليكونوا متظافرين به على خصومهم . ولم تتزحزح أهمية علم الأنساب بعد الإسلام ... فيقول عمر : تعلموا النسب ولا تكونوا كنبط السواد , إذا سئل أحدهم عن أصله قال من قرية كذا .

يقول السلطان الأشرف عمر بن يوسف بن رسول في طرفة الصحاب في معرفة الأنساب : كان لون النسب الجنس والقبيلة , فأصبح لونه الدين , والقرب أو البعد من الرسول , وكان اللون الأول يشوبه الفخر والحمية , فأضيف الى اللون الثاني على توالي الأيام , التقديس والبركة . وما سبق هو أكبر دليل على أن القبيلة والقبلية لم تختف ... بل تحولت من قبلية الى أخرى , من إفتخار على أساس الجنس الى أساس الدين , وسواء تقدست قريش لتاريخها ومناقبها قبل الإسلام أو لعلاقتها بالرسول بعد ظهور الإسلام ... تعددت الأسباب وتقديس قريش واحد .

وإذا كانت قداسة القبيلة قد شرعنت نفسها من داخل الدين والثقافة الأبوية النقلية إنتقلت من تناقل الأشعار والأخبار وعلم الإنساب قبل الإسلام الى قبلية جديدة وعلم أنساب جديد يدور حول الرسول وآله وصحابته ونقل وتدوين أحاديثهم وأخبارهم بعد الإسلام وظهور المذهبية وتدخل السلطة السياسية لتوجيه الدين كان لا بد من ظهور رجال الدين ومحاولتهم إسباغ هذه القداسة على أنفسهم والإستفادة من هذه السلطة التي يمثلها الدين بإحتكارها لأنفسهم وإقصاء الآخرين , وهناك عدة أمثلة من أهمها الشافعي ... ومن ذلك فخره بنسبه للرسول من بني عبد مناف , ففي مقدمة كتاب الشافعي الرسالة متحدثاً عن النبي : هو المفضل على جميع خلقه , وأنه أفضل خلقه نفساً , أنه أيضاً خيرهم نسباً وداراً . ويذكر أيضاً عن الآية (وإنه ذكر لك ولقومك) أن الله جل ثناؤه : قد خص قومه وعشيرته الأقربين بالنذارة , وعم الخلق بها بعدهم , ورفع بالقرآن ذكر رسول الله , ثم خص قومه بالنذارة , إذ بعثه فقال (وأنذر عشيرتك الأقربين) , وزعم بعض أهل العلم بالقرآن أن رسول الله قال : يا بني عبد مناف : إن الله أن أنذر عشيرتي الأقربين , وأنتم عشيرتي الأقربون . (الشافعي : الرسالة)

فالشافعي فيما سبق يفتخر بالنسب الذي هو من ثقافة القبيلة , بل ويؤصل لترفع قريش وفوقيتها من القرآن ومآثر الرسول , يذكر الرازي في مناقب الشافعي : كون الشافعي متبوعاً لغيره من العلماء والمجتهدين , وأن يكون غيره أتباعاً له مطلقاً . بل يجزم الرازي بوجوب الصلاة على الشافعي في تسوية بينه وبين النبي ! ويضيف الرازي : من تعرض لمنازعته , فقد جعل نفسه هدفاً لعذاب الله تعالى , من حيث أنه إهانة لقريب رسول الله . وهكذا اعزائي القراء يتدرج التقديس من القبيلة الى العشيرة الى شخص الرسول الى الشافعي ويتم التثبيت الكامل لسلطة الأصل ومركزيته نصاً وشخصاً وقبيلة .

فيروي الشافعي عن نفسه : كان أبي رجلاً من تبالة , وكان بالمدينة , فظهر فيها بعض ما يكره , فخرج الى عسقلان فأقام بها , وولدت بها , ثم مات أبي , فقدم عمي من مكة الى عسقلان , وحملني الى مكة , وأنا إبن سنتين ... (وفي الرواية) فلما أتى علي سنتان حملتني أمي الى مكة . (إبن حجر : توالي التأسيس) , ويظهر في هذه الرواية التماثل الذي يحاول الشافعي جاهداً أن يؤكد عليه بين قصته وقصة الرسول , فكلاهما مات والدهما في أرض غريبة وكلاهما خرج اليه عمه وأخذه من أمه وعاد به الى مكة , بل إن المطلب جد الشافعي كان مربياً لبعد المطلب حتى إشتهر المطلب بأنه عبد المطلب ... وهكذا ينصهر جد النبي وجد الشافعي في هوية الإسم الجامع عبد المطلب , ليصبح في مخايلات القداسة أن جد الشافعي راعياً لجد النبي والشافعي راعياً لدين النبي , وكفانا أن الشافعي سمى كتابه : الرسالة .

الدين طريقاً للسلطة

رجال الدين الذين كان لهم أثر ضخم في موروثنا الديني مثل أبي حنيفة والشافعي لم يكونوا رجالاً زاهدين في الدنيا والمجد والشهرة أفنوا حياتهم في الدين لذات الدين كما يصور لنا من يسمون بالفقهاء هذه الأيام لتستمر عجلة التقديس , بل كانت (وما زالت) هناك ظروف أدت الى توجههم الى الشأن الديني لما له من سلطة وتأثير ... فيروي عن أبي حنيفة تلميذه الأكبر أبو يوسف قوله : لما أردت طلب العلم جعلت أتخير العلوم واسأل عن عواقبها , فقيل لي : تعلم القرآن . فقلت : إذا تعلمت القرآن وحفظته , فما يكون آخره ؟ قالوا تجلس في المسجد ويقرأ عليك الصبيان والأحداث , ثم لا تلبث أن يخرج فيهم من هو أحفظ منك أو يساويك في الحفظ , فتذهب رياستك , قلت : فإن سمعت الحديث وكتبته , حتى لم يكن في الدنيا أحفظ مني ؟ قالوا إذا كبرت وضعفت حدثت وإجتمعت عليك الأحداث والصبيان , ثم لم تأمن أن تغلط فيتهموك بالكذب , فيصير عاراً عليك في عقبك , فقلت لا حاجة لي في هذا , ثم قلت أتعلم النحو , فقلت : إذا تعلمت النحو والعربية ما يكون آخر أمري ؟ قالوا تقعد معلماً وأكثر رزقك ديناران الى ثلاثة , قلت : وهذا لا عاقبة له . قلت : فإن نظرت في الشعر , فلم يكن أحد أشعر مني , ما يكون من أمري ؟ قالوا : تمدح هذا فيهب لك ويحملك على الدابة أو يخلع عليك خلعة , وإن حرمك هجوته , فصرت تقذف المحصنات , فقلت : لا حاجة لي في هذا . قلت : فإن نظرت في الكلام فما يكون آخره ؟ قالوا : لا يسلم من نظر في الكلام من شنعات الكلام فيرمى بالزندقة , فإما أن يؤخذ فيقتل , وإما أن يسلم فيكون مذموماً . قلت : فإن تعلمت الفقه ؟ قالوا : تفتي الناس وتطلب للقضاء إن كنت شاباً , فقلت : ليس في العلوم شيء أنفع من هذا , فلزمت الفقه وتعلمته . (مصطفى عبدالرزاق : الإمام الشافعي)

ويروى عن الشافعي : كان في أول أمره يطلب الشعر وأيام الناس والأدب , ثم أخذ في الفقه . ويشار الى أن السبب أنه كان يسير على دابة له , فتمثل ببيت شعر , فقال له كاتب كان لوالد مصعب بن عبد الله الزبيري : مثلك يذهب بمروأته في هذا , أين أنت من الفقه . حتى أن الموالي حين أرادوا تغيير وضعهم كجماعة مسحوقة في عهد الأمويين إشتغلوا بالفقه كأداة فاعلة في الحراك الإجتماعي ... ففي كتاب الإمام الشافعي لمصطفى عبد الرزاق يذكر: لما إنقرض عهد الصحابة ما بين تسعين ومائة من الهجرة وجاء عهد التابعين إنتقل أمر الفتيا والعلم بالأحكام الى الموالي الا قليلا , عن عطاء قال : دخلت على هشام بن عبد الملك فقال : هل لك علم بعلماء الأمصار ؟ قلت : بلى . قال : فمن فقيه المدينة ؟ قلت : نافع مولى إبن عمر , وفقيه مكة عطاء بن رباح المولي , وفقيه اليمن طاووس بن كيسان المولي , وفقيه الشام مكحول المولي , وفقيه الجزيره ميمون بن مهران المولي , وفقيه البصرة حسن وإبن سيرين الموليان , وفقيه الكوفة إبراهيم النخعي العربي . فقال هشام : لولا قولك عربي لكادت نفسي تخرج .

إن تحول أبي حنيفة والشافعي والموالي الى الفقه يكشف تحول مركزية الثقافة من الشعر الى الفقه , وأن الإشتغال بالفقه وبلوغ مرتبة فقيه كان له رأس مال رمزي مقدر ومردود مجزي , ومن هذه الظروف ظهر الكهنوت الإسلامي الذي لا يزال مطبقاً بقبضته على عنق الدين والدنيا حتى يومنا هذا .

المأزق والمخرج

إن النقطة الأساسية في مشروع الشافعي بصفته المؤسس للأصولية الإسلامية أنه توسع بالوحي ليبتلع السنة , بمعنى أنه جعل حركات الرسول وسكناته وأقواله وأفعاله وتقريراته وحياً في توحيد بين الإلهي والبشري ... بل ويؤسس لمركزية القبيلة من خلال اللغة بعد السنة , فيمضي الشافعي الى (إن أولى الناس بالفضل في اللسان , من لسانه لسان النبي)(الشافعي : الرسالة) , وهكذا يتم حبس الدين في لسان معين وثقافة معينة . أما الطريف في الأمر فإن الشافعي نفسه في الرسالة يروي عن صحابة تجاوزوا السنة ولم يلتزموا بالأصولية التي أسسها ! حيث أخبرنا مالك بن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار : أن معاوية بن أبي سفيان باع سقاية من ذهب أو ورق (فضة) بأكثر من وزنها , فقال له أبو الدرداء : سمعت رسول الله ينهى عن مثل هذا , فقال معاوية : ما أرى بهذا بأساً ؟ فقال أبو الدرداء : من يعذرني من معاوية : أخبره عن رسول الله , ويخبرني عن رأيه . (الشافعي : الرسالة) فهل فات على معاوية ما لم يفت على الشافعي ؟ أم أن الشافعي يعرف الوحي أكثر من معاوية ؟

فإذا كان التجديد الديني عودة الى الماضي فإلى ماذا نعود ؟ وإذا كان إستشرافاً للمستقبل وإنطلاقاً الى الأمام فمن أين نبدأ ؟ هل ننتظر شافعية جديدة ؟ أم مذهبية جديدة ؟ هل من الشافعي أم من معاوية ؟ كيف تجدد قواعد متحجرة تكفر وتنكل بكل من خالفها ؟ كيف تجدد فتاوى إبن تيمية ومجلداته يذكر فيها قرابة ال300 مرة يستتاب وإلا قتل ؟!

إن مسألة التجديد والإصلاح الديني مسألة معقدة وشائكة لا يستطيع قلم متواضع مثلي أن يحصرها في مقال واحد , ولكن النقطة التي حاولت توضيحها في هذا المقال هي أن الإشكال الرئيسي هو اننا نطرح موروثنا الديني بشكل متعالي عن الظروف التاريخية التي أنتجته مما يجعله طرحاً لاموضوعياً ... فتصبح القبلية التي حددت سمات الخلافة في الدولة الإسلامية الأولى نظرية سياسية وتصبح المذهبية التي أسستها السلطة وفرضتها بالقوة هي الدين القويم وتصبح الثقافة النقلية التي تصادر الإبداع وتجرم الإختلاف هي الهدف الأسمى .

بمعنى أنه لن يكون هناك تجديد أو إصلاح ديني إلا إذا كان موروثنا الديني موضوعاً للبحث والنقد والتمحيص لا الإجترار والتكرار , والتحية للمفكر الراحل الدكتور علي مبروك .

1 comment:

  1. السلام عليكم ورحمة الله , اما بعد عزيزي العميل تقدم لكم شركة شام للخدمات المنزليه افضل عروض رش المبيدات الحشريه وذلك من خلال برنامجها المتميز الجاد المتبع لتخليص المنطقه نهائيا من مشكلة الحشرات المنتشره بشكل وبائي حيث انه من خلال القسم الخاص برش المبيدات الحشريه في شركة شام والذي هو باسم

    شركة رش مبيدات بالدمام

    قد حرصنا علي ايجاد كل الحلول لهذه المشكله الكبيره مشكلة الحشرات وذلك يتمثل في استخدام الشركه لافضل المبيدات عالية الجوده وايضا استخدامها لاحدث التقنيات المستخدمه في امريكا والاتحاد الاوروبي , لذلك عزيزي العميل انت معنا بامان تام فلا تقلق .

    ReplyDelete